’’هنا’’ خطبة الجمعة عن مكارم الاخلاق وأثرها في بناء الحضارات مكتوبة || 2021


’’هنا’’ خطبة الجمعة عن مكارم الاخلاق وأثرها في بناء الحضارات مكتوبة || 2021

فى كلام نيوز خطبة عن مكارم الاخلاق وأثرها في بناء الحضارات مكتوبة

الحمد لله القائل في محكم التنزيل ﴿ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه ُأول بلا ابتداء وآخر بلا انتهاء الوتر الصَّمَدُ  الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  شرح الله له صدره ووضع عنه وزره ورفع له ذكره، وجعل الذل والمهانة على من خالف أمره فاللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلي يوم الدين . 

أيها السادة بداية: ما أحوجنا إلى أن يكون حديثنا عن مكارم الأخلاق، فبالأخلاق انتشر الإسلام في كل مكان، ووصل إلى بلاد الأندلس وبلاد ما وراء النهر، وبالأخلاق ساد المسلمون العالم، وبالأخلاق تبني الحضارات، فالأخلاق عنوان صلاح الأمم والمجتمعات، ومعيار فلاح الشعوب والأفراد.

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت…فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

صلاح أمرك للأخلاق مرجعه…فقوم النفس بالأخلاق تستقم

إذا أصيب القوم في أخلاقهم…فأقم عليهم مأتمًا وعويلا

وخاصة ونحن نعيش زمانًا انعدمت فيه الأخلاق بين الناس، وانتشر فيه سوء الخلق بصورة مخزية ولا حول ولا قوة إلا بالله، مع أن نبينا هو نبي الأخلاق، وديننا هو دين الأخلاق، وشريعتنا هي شريعة الأخلاق، وقرآننا هو قرآن الأخلاق، بل الغاية الأسمى من بعثته rهي الأخلاق فقال كما في حديث أبي هريرة عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنما بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ} رواه البخاري في الأدب المفرد

فالمؤمن بلا شك يريد أن يكون محبوبًا لدي الخالق، ومحبوبًا لدي الخلق، يريد أن يكون وجيهًا في الدنيا ووجيهًا في الآخرة، يريد أن يؤتي في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة.


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّنَا أَهْلُ الْإِسْلَامِ أَوْلَى مَنِ اتَّصَفَ بِحُسْنِ الْخُلُقِ، كَيْفَ لا؟ وَقَدْ حَثَّنَا دِينُنَا عَلَى التَحَلِّي بِذَلِكَ، وَرَغَّبَ فِيهِ، وَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْأُجُورَ الْعَظِيمَةَ، والمؤمن الحسنة أخلاقه: محبوب عند الناس، فمن أحبه الله وضع له القبول في الأرض، والناس مفطورون على حب من أحسن إليهم وحسن الخلق له عدة فضائل لا نستطيع أن نحصيها في لحظات ولكن نسدد ونقارب.

فحسن الخلق يساوى قيام الليل وصيام النهار وبذلك ترفع الدرجات وتكفر السيئات؛ فَعَنْ عَائِشَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ: “إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ قَائِمِ اللَّيْل وصائمِ النَّهَار” (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبِانِيُّ).

وحسن الخلق من كمال الإيمان ودليل على حسن ايمان صاحبه فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خلقًا؛ وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ.” [صحيح سنن الترمذي للألباني]. قال المباركفوري: ” أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا “: لأن كمال الإيمان يوجب حسن الخلق والإحسان إلى كافة الإنسان، ” وخياركم خياركم لنسائهم “: لأنهن محل الرحمة لضعفهن.

أيها المسلون:

لقد انتشر الإسلام في ربوع المعمورة بفضل ما كان يحمله تجار المسلمين من الاخلاق الكريمة، والتعامل الحسن، وقد اسلم كثير من المشركين بمجرد أنهم شاهدوا خلق الرسول الكريم، وسمعوا سيرته الطيبة مع أنهم لم يسمعوا منه حديثا، فقد كان صلى الله عليه وسلم نموذجا يُحتذى به في الخلق مع نفسه، ومع زوجاته، ومع جيرانه، ومع ضعفاء المسلمين، ومع جهلتهم، بل وحتى مع الكافر، فقد قابله أعرابي فسأله عن نفسه فعرّفها له.. فقال الأعرابي: أنت الذي يقول عنه قومه إنه كذاب؟ قال: نعم.. قال: “لا والله ما هذا الوجه بوجه كذاب.”.

فعلينا معاشر المسلمين أن نعكس صورة الإسلام الناصعة من خلال تعاملنا، وأخلاقنا وسيرتنا بين الناس، وأن تدعوا بأخلاقنا وسلوكنا قبل كلامنا وقولنا وحديثنا، لأن الناس مجبولة على التأثر بالفعل والعمل أكثر من القول والحديث وأن لم يتغير سلوكنا وحالنا فلن يتأثر بنا أحد ولو زخرفنا القول، وأبدعنا في الكلام، أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.